عرفت مختلف الحضارات في العصور القديمة أشكالا مشابهة للعبة كرة القدم الحالية. هذه اللعبة والرياضة، التي أصبحت الأكثر انتشارا وشعبية في العالم، استطاعت أن تتخطى جميع حدود الجنس والعقيدة، فاستطاعت أن تنفذ إلى أعمق عواطف الجماهير، وأعجب بها الكبار والصغار من مختلف الأعمار، يجري عشقها في عروقهم مجرى الدم. يمارسونها بمتعة خالصة، ويتابعون أخبارها بشغف. وهي أكثر ما تشرئب له أعناق الجماهير متطلعة لتحقيق أحلامها ومطامحها، حتى أصبح يعتبر فوز المنتخبات على خصومها انتصار للأوطان
كرة القدم كلعبة
تؤكد الدراسات النفسية والسلوكية أن اللعب ظاهرة سلوكية تسود عالم الكائنات الحية لاسيما الإنسان. وأن اللعب لا يخص الطفولة فقط، بل ويلازم أيضا أشد الناس وقارا، ويكاد يكون موجودا في كل نشاط وفاعلية. وترى مدرسة التحليل الفرويدي أن اللعب تعبير رمزي عن رغبات محبطة أو متاعب لا شعورية، وبالتالي فهو يساعد على خفض مستوى التوتر والقلق. وكان أرسطو يرى أن وظيفة التمثيليات المحزنة هي مساعدة المشاهدين على تفريغ أحزانهم من خلال مشاهدة ما فيها من أحداث ووقائع.
وكرة القدم كلعبة تجمع ما بين الممارسة وما تمثله من قيم التنافس والتضامن والكفاءات الفردية والجماعية، من جهة، والفرجة بما تحققه من إثارة وتشويق في العرض، من جهة أخرى
نشأة كرة القدم
يعود تاريخ هذه اللعبة إلى أزيد من 2500 سنة قبل الميلاد، حيث مارسها الصينيون القدامى، وكانوا يقدمون الولائم للفريق الفائز ويجلدون الفريق المنهزم. وعرفها اليونانيون واليابانيون 600 سنة قبل الميلاد، والمصريون 300 سنة قبل الميلاد. كما أن بعض آثار الشعر الجاهلي تدل على أن العرب القدامى مارسوا أيضا هذه اللعبة.
إلا أن اللعبة، في شكلها الممارس اليوم، ظهرت بإنجلترا. ففي سنة 1016، وخلال احتفالهم بإجلاء الدنماركيين عن بلادهم، لعب الإنجليز الكرة فيما بينهم ببقايا جثت الدنماركيين، ولك أن تحزر أقرب أعضاء الجسم شبها بالكرة وأسهلها على التدحرج بين الأرجل، فمنعت ممارستها. وكانت هذه اللعبة تظهر وتنتشر، ثم تمنع بمراسيم ملكية لأسباب متعددة، ووصل الأمر إلى حد المعاقبة على ممارستها بالسجن لمدة أسبوع
أهم المحطات في تاريخ كرة القدم
1710: ظهور اللعبة في المدارس الإنجليزية
1857: تأسيس نادي "شيفيلد" كأقدم نادي في العالم
1862: وضعت أول قوانين لكرة القدم
1867: وضع مبدأ التسلل (الشرود)
1872: تقنين حجم ومواصفات محددة للكرة
1875: تعويض الشريط الذي كان يحدد علو المرمى بقضيب عرضي (ما يعرف بالعارضة)
1878: حكم بريطاني يستعمل لأول مرة السفارة في التحكيم
1885: وضع تشريعات الاحتراف
1891: ظهور ضربة الجزاء
1900: أول دورة أولمبية (باريس)
1904: نشأة الجامعة الدولية لكرة القدم (بدأت بسبع دول)
1912: أصبح بإمكان الحراس استعمال أيديهم داخل المربع
1927: أصبح الهدف من الزاوية (الركنية) مباشرة جائزا
1929: تقرر تنظيم مباريات كأس العالم كل أربع سنوات مثل الألعاب الأولمبية
1930: تنظيم أول مباريات لكأس العالم في أوروغواي
1992: تنظيم أول مباريات لكأس العالم النسائية في الصي
دورات نهائيات كأس العالم
الدورة الأولى سنة 1930 نظمت في أوروغواي، وفازت بها أوروغواي (كان من المقرر أن تنظم الدورة الأولى بسويسرا سنة 1905
الدورة الثانية سنة 1934 بإيطاليا، فازت بها إيطاليا ( بداية النقل الإذاعي للمباريات
الدورة الثالثة سنة 1938 بفرنسا، فازت بها إيطاليا للمرة الثانية على التوالي
الدورة الرابعة سنة 1950 بالبرازيل، فازت بها أوروغواي (جاء تنظيم هذه الدورة بعد توقف دام 12 سنة بسبب الحرب العالمية الثانية
الدورة الخامسة سنة 1954 بسويسرا، فازت بها ألمانيا الغربية (تميزت الدورة بالنقل التلفزي المباشر لأول مرة لثماني مباريات
الدورة السادسة سنة 1958 بالسويد، فازت بها البرازيل
الدورة السابعة سنة 1962 بالشيلي، فازت بها البرازيل
الدورة الثامنة سنة 1966 بإنجلترا، فازت بها إنجلترا.
الدورة التاسعة سنة 1970 بالمكسيك، فازت بها البرازيل.
الدورة العاشرة سنة 1974 بألمانيا الغربية، فازت بها ألمانيا الغربية.
الدورة الحادية عشر سنة 1978 بالأرجنتين، فازت بها الأرجنتين.
الدورة الثانية عشر سنة 1982 بإسبانيا، فازت بها إيطاليا.
الدورة الثالثة عشر سنة 1986 بالمكسيك، فازت بها الأرجنتين.
الدورة الرابعة عشر سنة 1990 بإيطاليا، فازت بها ألمانيا.
الدورة الخامسة عشر سنة 1994 بالولايات المتحدة الأمريكية، فازت بها البرازيل.
الدورة السادسة عشر سنة 1998 بفرنسا، فازت بها فرنسا
الدورة السابعة عشر سنة 2002 بكل من اليابان وكوريا الجنوبية فازت بها البرازيل
كرات قدم بأياد مغربية
ساعد على انتشار كرة القدم كونها لعبة سهلة، يمكن ممارستها أينما كان ودونما حاجة إلى أية وسائل (إلا في المباريات الرسمية)، يكفي فقط أن تعرف مع من أنت وضد من. فهي تلعب في الأزقة وعلى الشاطئ وفي أشباه الملاعب المعشوشبة وغير المعشوشبة. أما وسيلة اللعب الأساسية، التي هي الكرة، فيتم اللعب بما توفر مما هو مكور سهل التدحرج.
وكانت الحضارات القديمة، التي عرفت لعبة كرة القدم، تمارسها بأنواع مختلفة من الأشكال الكروية المصنوعة من جلود الحيوانات أو غيرها. وفي عهد الفراعنة كانت كرة القدم تلعب بكرات من الحجر، لازالت نماذج منها محفوظة في المتاحف.
في سنة 1882تم تقنين حجم ومواصفات محددة للكرة. وأصبح قانون اللعبة الآن يفرض أن لا يتعدى أقصى حجم لقطر الكرة 71 سنتمترا، وأن لا يقل عن 68 سنتمترا. وأن لا يتجاوز وزن الكرة، عند بداية المقابلة، 453 غراما، وأن لا يقل عن 386 غراما. بالإضافة إلى مقاييس ومواصفات أخرى دقيقة تمكن من التحكم في مرونة ومستوى استجابة الكرة وسرعتها.
وتجدر الإشارة هنا، إلى أن المؤسسة المكلفة بصنع كرات القدم الخاصة بمباريات نهائيات كأس العالم اختارت الصناع المغاربة لتركيب هذه الكرات. حيث يتم صنعها بأحد فروع الشركة بفاس، ثم تنقل إلى ألمانيا لمراقبة أخيرة قبل شحنها إلى البلد المنظم
البعد الاقتصادي لكرة القدم
ارتبط ظهور كرة القدم الحديثة كلعبة شعبية في انجلترا بالثورة الصناعية، حيث أصبحت من العلامات التي ترمز إلى العمال. وقد استثمرت عدة مؤسسات صناعية وتجارية كبرى في هذه اللعبة، لتستفيد صورتها من القيم التي تمثلها كرة القدم (الحيوية، التحمل، النهوض، التفوق...)، كما وظفتها كعنصر للسلم الاجتماعي والاندماج.
وانتقلت الكرة، على مر السنين، من مجرد لعبة محبوبة ورياضة شعبية إلى نشاط اقتصادي بكل معنى الكلمة. وقد ساهم في هذا التحول أنظمة الاحتراف والاحتضان، وتسويق المباريات، وتحول الأندية من جمعيات إلى شركات بدأت تقتحم بورصات القيم. ولم تعد المناسبات الكروية الكبرى كنهائيات كأس العالم مجرد مناسبات لتسويق المنتوج فحسب، بل وأصبحت كذلك فرصا لاقتحام أسواق جديدة. واستطاعت "فيفا" أن تضم تحت لوائها 204 عضوا، أي أكثر من عدد أعضاء منظمة الأمم المتحدة